تبون يقطع الطريق أمام المادة 102 بالصوت والصورة
شكل ظهور الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، الأحد، لأول مرة منذ أكثر من 45 يوما بعد الوعكة الصحية التي ألمت به، ورقة تطمينية قوية للشارع الجزائري، وتفنيدا قاطعا لكل الشائعات التي حامت حول حالته الصحية بعد إصابته بفيروس كورونا، والتي نقل على إثرها إلى ألمانيا.
ووجه تبون على حسابه في موقع “تويتر” رسالة مصورة إلى الشعب الجزائري، أكد عبرها أنه سيعود قريبا إلى أرض الوطن، مشيرا إلى أن فترة النقاهة ستستغرق ما بين الأسبوع إلى ثلاثة حتى يتعافى بشكل كامل.
وعلى خلاف العادة اختار الرئيس نشر فيديو مقتضب، ويتوقع بث الرسالة كاملة في نشرة الثامنة للتلفزيون الرسمي كما هو معتاد.
وقال تبون إن الجزائر ستبقى قوية دوما وواقفة بشعبها العظيم، وجيشها الباسل، سليل جيش التحرير الوطني، ومؤسسات الدولة.
وأكد أن الحياة الاقتصادية في البلاد تسير في الطريق المسطر، مشيرا إلى أن الجزائر كانت تنتظر الأوضاع السياسية التي تجري في المنطقة.
وأوضح أنه يتابع يوميا وساعة بساعة، كل ما يجري في الوطن وعند الضرورة يسدى التعليمات إلى الرئاسة.
ترحيب شعبي كبير
وقد تلقى المواطنون هذا الفيديو بكثير من الترحيب وذلك بعد أسابيع من القلق الذي خيم على الشارع الجزائري.
وحملت ردود فعل الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي العديد من الدعوات للرئيس بالشفاء والعودة القريبة، وكانت أبرز الملاحظات تحسن صحة الرئيس سواء في نبرة صوته وطريقة جلوسه، رغم أنه خسر بعضا من وزنه بشكل ملحوظ بسبب المرض.
وعلق الناشط السياسي الجزائري عبد الحميد منصوري على صفحته قائلا:”تذكرت نفسي وراجعت صورتي بعد خروجي من المستشفى بعد إصابتي بالكوفيد، كنت منهكا ضعيفا خافت الصوت كما بدا عليه الرئيس في ظهوره الأول بعد إصابته، نسأل اللّه له الشفاء وللجزائر الخروج من ضيقها إلى سعة الوحدة والحرية والرفاه”.
وتم تداول فيديو الرئيس على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، سواء في الصفحات الخاصة للمواطنين أو الرسمية التابعة لمؤسسات الدولة، ومنها صفحة وزارة الدفاع الوطني التي نقلت جزء من كلمة الرئيس التي قال فيها:”الحمد لله على العافية بعد الابتلاء، شفى الله المصابين ورحم المتوفين وواسى ذويهم، العودة القريبة إلى أرض الوطن”.
وعلق الإعلامي الجزائري معمر قانة قائلا:”الحمد لله وطهورا إن شاء الله لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون،إن عودته إلى أرض الوطن هي أهم رد لمن يريد بالجزائر شرا”.
وكتبت صفحة “زاد دي زاد” الجزائرية تقول:”انزعاج البعض من ظهور الرئيس حيا يرزق هي ظاهرة تستحق الدراسة، مما يعني أن البعض كان يتمنى شيئا آخر لخلط أوراق النظام ووضعه في الزاوية”.
رسالة للتحديات الخارجية والداخلية
وقبل هذا الظهور ارتفعت أصوات المواطنين تطالب بصورة للرئيس وهو يقضى فترة النقاهة بألمانيا، وقد أصدرت الرئاسة العديد من البيانات التي أكدت عودته قريبا، إلا أن ظهوره بالصوت والصورة أصبح أمرا ضروريا ولا مفر منه حسب الخبراء والمتابعين.
وفي قراءة سياسية للفيديو قال الدكتور زهير بوعمامة لـ”سكاي نيوز عربية”:”أمر مشروع جدا أن تسأل الناس أين الرئيس بعد شهرين من الغياب”، وأضاف:”إن توقيت الظهور مهم جدا أمام التحديات التي تشهدها الجزائر على المستوى الداخلي والخارجي”.
وأوضح بوعمامة أن ظهور الرئيس جنّب الجزائر سيناريو العودة إلى المربع الأول، ووصف الفيديو بـ”أقوى رد على راهن بعض الأطراف الداخلية والخارجية على الفراغ و الدخول في المرحلة الانتقالية”.
وبحسب خبراء الدستور فإن الرئيس بهذا الشكل قد وضع حدا نهائيا لكل الدعوات التي كانت تطالب بضرورة اجتماع المجلس الدستوري وتطبيق المادة 102 من الدستور، والتي تعني إعلان شغور منصب الرئيس لأسباب صحية والدخول في مرحلة انتقالية تمهيدا لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة في أجل لا يتعدى الـ90 يوما.
خطوة رسمية نحو الانتخابات التشريعية
ويأتي هذا الظهور بالتزامن مع مرور عام كامل على انتخاب تبون رئيسا في البلاد. وقد دفعت فترة غيابه الأخيرة ببعض الأحزاب السياسية للإعلان عن مبادرات سياسية جديدة، وأثناء غياب الرئيس قال الوزير الأسبق عبد العزيز رحابي، إن هناك مبادرة جديدة ستنطلق قريباً تقودها المعارضة، للخروج من الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، مؤكداً أن الوطن بحاجة إلى تقارب حول مشروع ديمقراطي.
ويرى الخبير في القانون الدستوري الجزائري عامر رخيلة إن ظهور الرئيس أمر مقصودة وضع حدا لكل التأويلات والقراءات للمادة 102.
وقال رخيلة لـ”سكاي نيوز عربية” :”تبون بهذا الشكل أعلن تمسكه بالمسؤولية وأنهى الحديث عن المادة 102″.
وأضاف الخبير الجزائري:”الرئيس سيستأنف عمله ولو كان جالسا فمن الناحية الدستورية لا يوجد مانع اليوم ومدام يتكلم فهذا يعني أنه في كامل قواه الجسدية والعقلية وهذا يكفي دستوريا”.
وقد رسمت رسالة الرئيس خارطة الطريق للمرحلة السياسية القادمة، والتي ستبدأ بحسب ما أكده تبون عبر المصادقة على قانون الانتخابات وتنظيم الانتخابات التشريعية والبلدية.
وقال رخيلة:”لقد اختصر الرئيس الآجال على مستوى البرلمان وحدد مهلة عشرة أيام للانتهاء من قانون الانتخابات والأحزاب ومنه سيتم الذهاب إلى تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة كما كان مسطرا”.
سكاي نيوز