ميني ماركت صحيّة بمنتجات لبنانية فقط

أسّست جوانا عازار الميني ماركت الصحية بالتعاون مع أخواتها ووالدتها، ليكون مساحة منتجات صحية وعضوية، بميزة إضافية لكن أساسية وهي أن تكون جميع ال#منتجات لبنانية. قد يكون لدى جوانا نظرة مستقبلية في هذا الخصوص، فهي فتحت هذا المكان قبل ثلاث سنوات، ولم يدرِ أحد حينها أنّ الناس سيضطرون يوماً ما إلى شراء المنتجات اللبنانية بدلاً من المستورَدة لغلاء هذه الأخيرة. وكما في مجالات عديدة، جاءت الأزمة لصالح جوانا، بحيث ارتفعت مبيعاتها وساهمت بازدهار ودعم المشاريع المحلية الصغيرة.

بدأت الفكرة لدى جوانا ببيع المواد الغذائية الصحية والطبيعية وكان مورّديها من المزارعين والعلامات التجارية العضوية المحلية والجمعيات الخيرية، و”أصرّيت ألّا يكون لدي سوى المنتجات اللبنانية وبدأت بتشجيع الأعمال الصغيرة قدر المستطاع من فلاحين مبتدئين وعلامات تجارية ناشئة”، تقول جوانا عازار، مؤسسة ميني ماركت Le panier du coin.

لم تتوقّع نجاح المحل وسط الانتقادات الشديدة التي تلقّتها، إذ “انتُقدنا جداً لناحيتين، الأولى لجهة عدم ثقة الناس بوجود منتجات عضوية لبنانية وشكهم بمصداقيتها، والثانية هي لاعتمادنا على المنتجات اللبنانية فقط، لكنّني كنت ولا زلت أؤمن بأمرين أساسيين، الأول أنّه لا بدّ وأن يأتي يوماً يعود فيه اللبنانيون إلى إنتاجهم المحلي، والأمر الثاني هو أنّ كلذ ما تعطيه الطبيعة هو قابل للاستخدام”، تروي جوانا.

وبدأت توّسع عملها وبحثت عن مورّدين وعن علامات تجارية تعرض في المعارض وفي أسواق المنتجات الغذائية اليدوية كسوق الطيب، أو مَن ينتجون في منازلهم. كما ساهمت هي أيضاً بإنتاج الأجبان والألبان، وكانت تتزوّد بحليب الماعز من الدير وتنتج الأجبان دون مَجبن، و”لم يكن الناس يثقون بالإنتاج التقليدي الذي لطالما حوربنا من أجله”. وبما أنّها طبيبة ووالدتها أخصائية تغذية، كانت تسأل الزبائن عن مشاكلهم الصحية وتحاول توجيههم إلى المنتجات التي تنفعهم، وبدأت بذلك تتكون علاقة ثقة بينها وبينهم، وأصبحوا يثقون بالمنتجات التي تعرضها.

ولثقة إضافية، تفحص جوانا جميع المنتجات التي تعرضها، في المختبر، وقد اعتمدت هذه الطريقة منذ أن فتحت مؤسستها حتى اليوم، وتتعاون مع خبيرين صحيّين للتأكّد من شفافية المنتَج.

في محلّها اليوم أكثر من 76 علامة تجارية لبنانية، من منتجات غذائية خالية من اللكتوز والجلوتين والمنتجات الـ vegan والمنتجات الطبيعية 100%، وكذلك منتجات للعناية بالبشرة والشعر والجسم وأدوات التنظيف والغسيل الطبيعية. ونجح المحل بالإبقاء على المنتجات اللبنانية فقط، وأصبح مقصوداً ومعروفاً بهذه الميزة.

ويحتضن المكان منتجات لعلامات تجارية جديدة انطلقت خلال هذا العام، ومنتجات كانت موجودة من قبل، و”كبرت هذه العلامات بفضل محلي، لأنّها وسّعت أسواقها، وطبعاً بعد أزمة الدولار ارتفع مبيعها أكثر فأكثر لأنّنا أعدنا القرية إلى بيروت وأعدنا كلّ الإنتاج على الطريقة التقليدية لناحية كونه طبيعي. وشكّل هذا المكان دعماً كبيراً للمشاريع الصغيرة، ونمت مبيعاتها وكبر حجم أعمالها، فالمبيع فيه كبير. وتسمع جوانا تمنّيات أصحاب هذه المشاريع يقولون لها “يا ليت جميع المحلات فكرت كما فكرتي تجاه المنتج اللبناني منذ وقت طويل، لكنّا انطلقنا أسرع في السوق وكبرنا في فترة قياسية”، على حدّ تعبيرها.

وجراء الأزمة، زاد العمل لديها بشكل كبير بنسبة 500%، فجميع المحلات المشابهة تعتمد على المنتجات المستورَدة وأصبح سعرها باهظ مع ارتفاع الدولار. كما أثّر انتشار كورونا إيجاباً على مبيعها.

ولطالما اعتمدت جوانا التعامل بالليرة اللبنانية منذ انطلقت بالعمل منذ حوالي ثلاث سنوات، حيث كانت تطلب من المورّدين جميعهم إصدار فواتيرهم لها بالليرة، فنظام العمل في محلّها يبيع بالليرة ومنتجاتها جميعها لبنانية و”لا أريد إلّا شهرة الليرة، وكان لدينا رؤية مستقبلية إلى حدّ ما في هذا الجانب، فأنا آمنت بالمنتج اللبناني قبل جميع المحلات الأخرى وقبل الأزمة، وكنت سباقة في نظرتي تجاه الإنتاج اللبناني”، بحسب جوانا. الأسعار لديها مقبولة جداً، وحتى الزبائن يجدون أنّ الأسعار أرخص من أسعار السوبرماركت الكبيرة، حسب قولها. ولا يتجاوز ربحها الـ 3000 ليرة للسلعة، فأجر اليد العاملة في لبنان مرتفع، ولا يمكنها رفع الأسعار، وتعمل على إبقائها بمتناول الجميع، فما يميز محلّها عن غيره من محلات المواد الغذائية الصحية هو أنّ محلّها يبيع منتوجات 100% لبنانية بالإضافة إلى كونها طبيعية.

وبرأيها، “إن تحسّن الوضع وحُلّت الأزمة الاقتصادية، سيبقى الناس يشترون من المنتجات المحلية، فمَن اعتاد الآن عليها ووجد البديل اللبناني لن يستبدله بالمستورَد”.

وتنصح جوانا مورّديها بإنتاج أنواعاً معيّنة من السلع بناءً على طلب الزبائن، وبما أنّ كلفة العبوات الزجاجية ارتفعت، تتّفق مع الزبائن على استرداد هذه العبوات لإعطائها للموردين وتعمل على إعادة تدوير النفايات وتعتمد أكياس قابلة للتدوير. “وكوني أعمل في السوق مع الموردين ومع الزبائن، وفي ظل هذه الأوضاع المتردّية، أنصح أي شخص لديه الرغبة والقدرة بإقامة أي مشروع إنتاجي وفي كلّ المجالات في لبنان، فهو الوقت المناسب وهو السبيل والمنفذ الوحيد، وعلينا أن نؤمن ببلدنا، فنحن جداً مبدعين، ويوماً ما سيعي الناس أنّهم قادرين على إنتاج وصناعة كل شيء في لبنان”.

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى