مصر.. تحديات جديدة هائلة تواجه البلاد

كنت قد كتبت سابقاً عن الوضع المالي غير المستقر في مصر، والذي يمكن له، في ظل المسار الاقتصادي الحالي، أن ينتهي حتماً بأزمة نقدية-مالية على المدى المتوسط.

لكن هناك مشكلة أكثر جوهرية، ألا وهي الاكتظاظ السكاني الزراعي الهائل، والذي أصبح في بداية القرن العشرين أحد الأسباب الرئيسية لثورتين وحرب أهلية في روسيا.

إن تطوير التقنيات الزراعية يؤدي إلى انخفاض سريع في الحاجة إلى العمالة في مجال الزراعة. وفي جميع أنحاء العالم، لأكثر من نصف قرن، كان سكان الريف يفقدون وظائفهم ويغادرون نحو المدن. لكن هذه العملية تسارعت الآن بشكل ملحوظ. ومع الأخذ في الاعتبار دخول الروبوتات إلى هذا المجال، حينما سيكون بإمكاننا أن نرى حصادات مسيّرة تقوم بجمع المحاصيل الزراعية، ستنخفض الحاجة إلى العمالة في الزراعة بعشرات الأضعاف.

وسيضطر معظم سكان الريف، ممن لا يعملون في قطاع الخدمات إما إلى القيام بزراعة الكفاف على قطعة صغيرة من الأرض، والاكتفاء بمستوى معيشة أقرب للعصور الوسطى، أو الزحف نحو المدن. فالتحول الكامل نحو المجتمعات الحضرية بات قريباً جداً للبشرية.

تتكيف البلدان التي تعاني من التراجع الديموغرافي والاقتصادات النامية، مثل الدول الغربية وروسيا والصين، بسهولة مع الظروف الجديدة.

كذلك فالبلدان غير المستقرة تماماً، مثل أفغانستان والسودان واليمن، لن تواجه هذه الأزمة قريباً، حيث أنها ليست مؤهلة بعد لتحديث الزراعة.

أما البلدان النامية، الناجحة نسبياً مع عدد كبير من السكان في الريف، مثل مصر والمغرب، حيث الاستثمارات في القطاع الزراعي ممكنة ومربحة، فستواجه هذه المشكلة في القريب العاجل، وإلى أقصى الحدود.

ففي هذه البلدان، سيصبح عدد كبير من الأشخاص ذوي المهارات المتدنية غير ضروريين في الريف في السنوات القادمة، لكنهم لن يتمكنوا من العثور على عمل في المدينة أيضاً. علاوة على ذلك، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية المتزايدة هي أزمة فائض في الإنتاج، أي بعد انتقاله الحتمي إلى المرحلة المفتوحة، سينخفض الإنتاج العالمي، وسترتفع البطالة حتى بين العمال المهرة، وهو ما سيخلق إمكانات هائلة للانفجار الاجتماعي.

في مصر، يزداد الأمر تعقيداً بسبب ذلك الفائض الهائل الموجود بالفعل من العمالة المصدرة. ففي عام 2020، قدرت القوى العاملة في مصر بنحو 29 مليوناً، ويعمل الآن أكثر من 10 ملايين مصري في الخارج، منهم حوالي 7 ملايين في الدول العربية. وهم الآن من أكبر مصادر العملة الصعبة للبلاد، ولكن خلال الأزمة، سيفقد الكثير منهم وظائفهم، ويطردون إلى الوطن من قبل سلطات البلدان التي يعملون فيها حالياً.

لذلك لم يكن من قبيل المصادفة أن يؤثر الربيع العربي على البلدان التي تحتل المرتبة الأولى في الجدول أدناه. رأيي، أن هذه الأزمات المحتملة من الممكن أن تتسبب في زعزعة استقرار البلاد، ما لم يتم التعامل معها.

نسبة سكان الريف إلى تعداد السكان:

السودان 64.7

اليمن 63.4

مصر 57.2

سوريا 44.5

المغرب 36.5

تونس 30.4

العراق 29.1

الجزائر 26.3

فلسطين 23.3

ليبيا 19.3

المملكة العربية السعودية 15.7

عمان 13.7

الإمارات 13

لبنان 11.1

البحرين 10.5

الأردن 8.6

قطر 0.8

الكويت 0

الهند 65.1

الصين 38.6

أوكرانيا 30.4

روسيا 25.2

إيران 24.1

ألمانيا 22.5

الولايات المتحدة الأمريكية 17.3

بالمناسبة، لا ينبغي أن تكون ممالك النفط في الخليج ذات المؤشرات الجيدة في الجدول سعيدة، فهي تفتقر تقريباً إلى الزراعة، وتواجه مخاطر أكبر مرتبطة بالأمن الغذائي.

المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى