ميقاتي يرمي “مفرقعته”: مصير الانتخابات وحكومته وخطته الاقتصادية

المدن

على طريقته، رمى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قنبلة تحويل الجلسة التشريعية إلى جلسة لمساءلة الحكومة وطرح الثقة بها، مؤكدًا أنه ليس في وارد الاستقالة، كي لا تؤجّل الانتخابات. من خارج السياق جاءت رمية ميقاتي، ففاجأت رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وأعلن رفضه ذلك. أما ميقاتي فأراد رمي مسؤولية ما يجري على الآخرين، لا سيما الخلاف على مشروع الكابيتال كونترول، الذي يربطه بجملة عناوين: التفاوض مع صندوق النقد الدولي، إنجاز الإصلاحات، الخطة الإصلاحية، وتلبية الشروط الدولية لنيل ثقة المجتمعين العربي والدولي.

مواربات ميقاتي
جاء موقف ميقاتي عمليًا ردًا على مواقف كثيرة انتقدت مشروع الكابيتال كونترول. فهناك أطراف سياسية ترى أن رئيس الحكومة يريد كسب صلاحيات إستثنائية في الملف المالي، لا يمكن الموافقة عليها. فالكابيتال كونترول يمنح تلك الصلاحيات لرئيس الحكومة ووزير المال وحاكم المصرف المركزي. هذا يعترض عليه فريق رئيس الجمهورية، وكذلك اللجان النيابية المشتركة، لا سيما لجنتي المال والإدارة والعدل.
وما فعله ميقاتي حرره من الانتقادات التي يتعرض لها، ومن اتهامه بالتعطيل، ومكنه من إحالة الأمر على الآخرين. وهو أصلًا لا ينوي الاستقالة، لا بل على العكس. أي البقاء في رئاسة الحكومة تحت عنوانين أساسيين: إجراء الانتخابات والاتفاق مع صندوق النقد. وهو لم يترشح للانتخابات النيابية لهذين السببين.

احتمالات تأجيل الانتخابات
ولكن ميقاتي وجد نفسه محاصرًا. فبقاؤه في رئاسة الحكومة مرتبط بإجراء الانتخابات، الذي يرتبط أيضًا بنتائجها. فلدى تشكيل اللوائح يفترض أن تُعرف نتائج الانتخابات، التي يتقرر على أساسها مصيرها وحسم إجرائها، في حال كانت نتائجها المتوقعة ملائمة للفريق القوي المتحكم باستمرار الحكومة. أما في حال لم تكن تلك النتائج المتوقعة ملائمة لذاك الفريق، فإن الاشتباك السياسي والمالي والقضائي والمصرفي يستمر، معطوفًا على افتعال المزيد من أزمات المحروقات وسواها. وهذا يؤدي إلى تعذر توجه الناخبين إلى صنادق الاقتراع، فيصبح تأجيل الانتخابات محسومًا.

هذا واحد من الخيارات. أما الخيار الآخر فيتمثل باشتداد الصراع المصرفي- القضائي وانسداد الآفاق، على نحو قد يؤدي إلى زيادة التأزم، وتوجه أحد الأفرقاء إلى الاستقالة من الحكومة وإسقاطها. لذا تصبح الانتخابات بحكم المؤجلة.

وثمة من يعتبر أن قرار استقالة الحكومة لا يمتلكه رئيسها ولا أي من الأفرقاء المشاركين فيها. بل هو قرار مرتبط بتوجهات إقليمية ودولية. والقوى المحلية والخارجية مستفيدة من بقاء الحكومة. وهذا ما يبقيها على الرغم من الخلافات المستفحلة. وحال قرار الاستقالة من الحكومة، كحال قرارات عدم ترشح بعض الشخصيات السنية للانتخابات النيابية. وهذا أمر يرتبط بنصائح خارجية أسديت لهم، لفرض إشكال أساسي يتعلق بالميثاقية السنية، وبالصراعات المستمرة داخل البيئة السنية والتي قد تحول بدورها دون إجراء الانتخابات.

مؤشرات الانفجار السياسي والاجتماعي متوفرة، ولكن عمليات الترقيع السياسي مستمرة لمنع وقوعه. ورفع ميقاتي سقف موقفه السياسي، وصولًا إلى طرح الثقة بحكومته، يرتبط بفرض أمر واقع جديد: ضرورة إبرام تسوية سياسية جديدة تطال الملفات القضائية، المصرفية، المالية، والسياسية. كي تتمكن الحكومة من الاستمرار حتى الانتخابات النيابية. وفي حال عدم توفر ظروف التسوية، يقع الانفجار وتتأجل الانتخابات.

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى