ارتفاع التضخم ينعش سوق العملات المشفرة في تركيا

يزدهر سوق العملات الرقمية بتركيا، من دون رقابة وتقييد، كما يقول مختصون، ما زاد من انتشار منصات العملات المشفّرة ومحالّ التداول إلى جانب شركات الصيرفة، ليزيد عددها في منطقة “أمينينو” بإسطنبول فقط، على العشرات، وسط إقبال كبير من المضاربين وكبار المستثمرين.

ورغم انهيار أسواق الأسهم، تتمدد منصات العملات المشفرة مثل “ثوديكس”(Thodex)، و”فيبيتكوين”(Vebitcoin)، و”سيستيمكوين” (Sistemcoin). ولا تزال “بيتكوين” العملة الأكثر شعبية في التداول بتركيا.

وقدرت صحيفة “أناليز” التركية حجم السوق في تركيا بنحو 900 مليون دولار بعد أن اقترب عدد الذين يستثمرون حالياً في العملات المشفرة من 5 ملايين شخص، متسائلة عن أسباب نمو السوق وعدد المستثمرين بهذه السرعة في سوق وصفته بالمتقلب والمحفوف بالمخاطر.

وتضيف الصحيفة أن الناس في هذا السوق يبيعون ذهبهم وسياراتهم دون أن تكون لديهم أية معلومات مالية، ولسوء الحظ، يدخل معظمهم سوق العملات المشفرة بنصائح من الأصدقاء أو توصيات من قبل العاملين في مجال التشفير على منصات التواصل الاجتماعي دون دراية.

ويُعَدّ التضخم وخسارة الليرة التركية أكثر من نصف قيمتها خلال عامين، الدافع الأهم، وخاصة بعد أن أعطى سوق العملات الرقمية من 100 إلى 200 ضعف الأموال التي استُثمِرَت فيه خلال 6 أشهر عام 2020. ويُعَدّ ارتفاع سعر “البيتكوين” من نحو 6 آلاف دولار إلى نحو 60 ألف دولار في غضون شهور وراء تدافع الأتراك لشراء العملات المشفرة كوسيلة للحفاظ على القيمة، بل اعتُبِرَت مكاسب مُضاربة، وأدوات استثمار بديلة، للحماية من التضخم والبطالة.

ولكن تبقى المخاطر تلفّ هذا القطاع الجديد بعد تلميح الحكومة التركية إلى إصدار عملة رقمية تستند إلى الليرة وتمتلك مقابلاً مادياً ملموساً مع إمكانية التداول والبيع في أسواق المال العادية.

ووقع نحو 400 تركي ضحايا عملية احتيال خلال العامين الماضيين، خسروا بسببها نحو مليار دولار. وفي ذات الصدد، تقدّم ضحايا بشكوى جنائية إلى مكتب المدعي العام في إسطنبول بشأن شبكة احتيال إيرانية، تتبع لعصابة “السجينة سورينا يوشيزاد” المطلوبة لدى الشرطة الدولية “الإنتربول” والناشطة بشكل خاص، في تركيا وإيران وماليزيا والإمارات.

وبحسب مصادر إعلامية تركية، فقد احتالت العصابة الإيرانية على 2500 شخص، بينهم 400 تركي، بعد أن وعدتهم بحياة فاخرة وربح سريع، مستخدمة عملات رقمية في الاحتيال مع الشركات التي تتغير أسماؤها باستمرار. وبحسب تصريحات المحامي التركي، مصلح مارال، فإن الضحايا الأتراك خسروا ما بين 30 و35 ألف دولار.

ويقول أستاذ المالية بجامعة باشاك شهير بإسطنبول، فراس شعبو، إن عمليات الاحتيال تطاول 95% من المتعاملين بالعملات الرقمية، إن لم يكونوا خبراء أو على دراية بأصول التعامل مع المنصات، إذ يعتبر هذا القطاع جديداً على مستوى العالم، ولم تنفتح عليه تركيا، إلا منذ عامين، ولأنها لا تضع ضوابط وقيوداً، فمن المتوقع أن يقع كثيرون بفخ الإغراء المالي والربح السريع.

ويرى شعبو خلال تصريحه لـ”العربي الجديد”، أن تنامي هذا القطاع عالمياً، بل وازدهاره في الآونة الأخيرة، بعد العقوبات على روسيا ومنعها من التحويل عبر نظام “سويفت” إضافة إلى ما قيل عن إمكانية دول وشركات كبرى إصدار عملات رقمية، ومنها تركيا، زاد من الإقبال، وأضفى بعض الثقة، وزاد بالوعود بالنسبة إلى المتعاملين، سواء كانوا مضاربين لأجل سريع، أو حتى مستثمرين.

ويلفت شعبو إلى بعض الدول التي تحظر دخول شركات وهمية أو تقيّد التعامل في العملات الرقمية، ولكننا نرى أن تركيا تفتح سوقها وتسمح بالتعامل، الأمر الذي زاد من دخول مضاربين دوليين للسوق المحلية، والأهم برأي المتحدث، أن بإمكان أي مودع في مصرف تركي أن يشتري عملات مشفرة ويحوّل أرصدة.

وفيما لم يصدر القانون التركي المنظم للعملات الرقمية، والذي يدرَس في البرلمان منذ مطلع العام الجاري، يقول رئيس جمعية المعلوماتية التركية، رحمي آقتبه، إن خبراء من البنك المركزي وهيئة البحوث العلمية والتكنولوجية التركية “توبيتاك”، يعملون على إطلاق عملة رقمية رسمية، تستند في قيمتها إلى عملة البلاد.

ويشير رئيس جمعية المعلوماتية التركية إلى أنه لوحظ خلال الأشهر الماضية زيادة كبيرة في الاستثمارات أو في إجراء عمليات مالية باستخدام عملات رقمية.

اضغط للقراءة
زر الذهاب إلى الأعلى