أزمة ماكرون وأردوغان.. فرنسا تطالب الاتحاد الأوروبي بإجراءات مشددة ضد تركيا

في منعطف جديد للأزمة الدبلوماسية بين أنقرة وباريس، حثت الأخيرة أعضاء الاتحاد الأوروبي على اتخاذ إجراءات مشددة بحق أنقرة، رداً على تشكيك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الصحة العقلية لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، فضلاً عن دعوته إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية.

وقال وزير التجارة فرانك ريستر للمشرعين الأوروبيين إنه سيتعين على أوروبا اتخاذ قرارات تسمح لها بتعزيز توازن القوى مع تركيا للدفاع بشكل أفضل عن مصالحها والقيم الأوروبية، وفق تعبيره.

وفي إطار التصعيد الدبلوماسي بين البلدين، استدعت فرنسا قبل أيام سفيرها لدى تركيا للتشاور بعد إهانات الرئيس التركي لنظيره الفرنسي، على خلفية الأزمة الأخيرة الخاصة بالرسومات الكارتونية للنبي محمد.

بدأ التصعيد بعد تصريح أردوغان بأن ماكرون يحتاج إلى فحص للصحة العقلية، وذلك رداً على تعهده بتأييد استمرار نشر رسوم اعتبرت مسيئة للنبي محمد.

سجال الناتو
وتعد الأزمة الدبلوماسية الحالية أحدث فصول التوتر في علاقات البلدين اللذين رغم عضويتهما في حلف الناتو يختلفان حول قضايا عدة، في البحر المتوسط، والحرب الليبية، والصراع على إقليم قره باغ، وحتى في سوريا.

ليست المرة الأولى التي يدخل فيها الرئيسان الفرنسي والتركي في سجالات شخصية، فبعد تصريحات لمجلة ذي إيكونوميست في نوفمبر 2019، قال فيها ماكرون إن الناتو في حالة “موت دماغي” لعجزه عن مواجهة العملية العسكرية التركية “نبع السلام” ضد مواقع كردية شمالي سوريا، رد أردوغان موجهاً الحديث إلى ماكرون: “عليك فحص موتك الدماغي”.

شرق المتوسط
ويشكل الصراع على ثروات المتوسط العقدة الأبرز في خلاف فرنسا وتركيا، وفي هذا المسار تتداخل العديد من الدول (اليونان، وقبرص، وإسرائيل) التي تتنازع مع تركيا من جهة، وتحظى بدعم فرنسي من جهة أخرى.

وخلال الأشهر الماضية حاولت تركيا فرض استراتيجيتها في المتوسط بالقوة، وهو ما يفسره إبحار سفينة التنقيب “أوروتش رئيس” خارج حدودها البحرية، غير أن اتفاقية “قانون البحار” لا تصب في مصلحة تركيا، وقد اعترضت أنقرة مراراً، حيث تعتبر أن الاتفاقية تمنح اليونان مياهاً إقليمية تجعل بحر إيجه “ملكاً لها”، بحسب المسؤولين الأتراك.

ولاقت التحركات التركية شرق المتوسط انتقادات أوروبية واسعة، ولا سيما من فرنسا التي تدعم اليونان وقبرص وتحاول الضغط من خلال الاتحاد الأوروبي لإجبار تركيا على التراجع عن “نهجها التوسعي”.

أزمة “قره باغ”
وتفاقمت الخلافات بين الدولتين بعد تفجر الصراع بين أذربيجان وأرمينيا في إقليم ناجورنو قره باغ، حيث تدعم تركيا الطرف الأذربيجاني بالسلاح والمقاتلين، وطلب ماكرون من أنقرة تقديم تفسيرات حول ذلك، واصفاً التدخل التركي بأنه “تجاوز للخطّ الأحمر”، بينما يتهم أردوغان فرنسا بأنها “تقف خلف الكوارث والاحتلال في أذربيجان”، ولا يزال الطرفان يتبادلان الاتهامات حول تلك الأزمة.

وفي الإطار الجغرافي ذاته، يبرز خلاف قديم متجدد بين فرنسا وتركيا، من خلال القضية “الأرمنية”، حيث تبنى البرلمان الفرنسي عام 2001 قانوناً يعترف بالإبادة الجماعية للأرمن على يد جيش “الدولة العثمانية”، إبان الحرب العالمية الأولى، ولم تخفِ السلطات التركية استياءها من الأمر.

النزاع في ليبيا
وفي ليبيا اصطفت الدولتان على طرفي نقيض بشأن طرفي النزاع، إذ تدعم تركيا حكومة طرابلس برئاسة فايز السراج، بينما توجه فرنسا انتقادات لتركيا على خلفية انتهاك قرارات الأمم المتحدة، الخاصة بحظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا.

وقد شكّل التوسع التركي في شمال إفريقيا تهديداً لما يعتبر مناطق ذات نفوذ فرنسي تاريخياً، وتحظى فرنسا منذ الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي بنفوذ متنامٍ في ليبيا من خلال الوجود العسكري، لا سيما في مواقع الهلال النفطي.

وحاولت باريس، من خلال حلف الناتو، منع السفن التركية من نقل الأسلحة إلى حلفائها في ليبيا، وهو ما أدى في يونيو الماضي إلى قيام بوارج بحرية تركية بالتعرُّض لفرقاطة فرنسية، بينما سعت باريس أيضاً لفرض عقوبات أوروبية على تركيا، واستغلال دول الجوار الليبي لاستحضار المزيد من الضغط على حكومة فائز السراج.

الشرق نيوز

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى