مذكرة للفيفا تثير الذعر في تونس.. “نسور قرطاج” مهددون بعقوبات قبل أسابيع من كأس العالم

هزت المذكرة التي وجهها الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” (FIFA) إلى الاتحاد التونسي للعبة -والتي تضمنت مطالبة بتوضيحات حول ما ينسب للسلطات الحكومية من تدخل في شؤون كرة القدم- الأوساط الرياضية في تونس، وذلك بعد تداول معلومات حول إمكانية تجميد نشاط اتحاد الكرة وإقصاء المنتخب التونسي من المشاركة في كأس العالم 2022.

وفي الوقت الذي يستعد فيه منتخب تونس لمشاركته السادسة في تاريخ كأس العالم والثانية على التوالي أثارت المذكرة الصادرة عن الفيفا جدلا واسعا في الساحة الكروية ومخاوف من أن يتم تجميد نشاط اتحاد كرة القدم وحرمان نسور قرطاج من المشاركة في مونديال قطر 2022.

وقال الفيفا في المذكرة التي وصلت إلى اتحاد الكرة التونسي يوم 24 أكتوبر/تشرين الأول الجاري “تناهى إلى علمنا أن السلطات الحكومية التونسية تسعى على ما يبدو إلى التدخل في شؤون اتحاد كرة القدم وفي طريقة تسييره، وتريد تحديدا حل مجلس إدارة اتحاد الكرة الحالي، وفي هذا الإطار يود الاتحاد الدولي لكرة القدم التذكير بأن قوانينه تنص على وجوب أن تتمتع كل اتحادات الأعضاء المنخرطين في فيفا باستقلالية التصرف في شؤونهم الداخلية بشكل يحظر دخول أي طرف آخر، وذلك طبقا لمقتضيات الفصل الـ19 من القانون الأساسي للفيفا”.

تدخل حكومي مزعوم
وبحسب ما ورد في المذكرة التي تداولتها وسائل الإعلام في تونس على نطاق واسع، فإن “قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم تفرض عقوبات صارمة على الاتحادات الأعضاء التي لا تلتزم باستقلالية التصرف في شؤونها تصل إلى حد تجميد الاتحاد وشطب كل المنتخبات والأندية من المسابقات التي تنتظم تحت إشراف الفيفا”.

وطالب الاتحاد الدولي نظيره التونسي بتقديم تقرير يوضح ما يتم تداوله حول التدخل الحكومي في الشؤون الداخلية، وذلك في أجل أقصاه 28 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وبينما لم يعلق الاتحاد التونسي للعبة رسميا على مذكرة الفيفا قال مدير الشؤون القانونية بوزارة الرياضة في تونس شكري حمدة “إن ما ورد من مضامين غير واضحة في رسالة الاتحاد الدولي لكرة القدم يدفع بالضرورة نحو التساؤل حول الشكل الذي جاءت عليه المذكرة، خصوصا من حيث القول إن الفيفا تناهى إلى علمه، وهنا بدورنا نسأل: من أبلغ الفيفا بهذه المزاعم حول تدخل الوزارة في شؤون كرة القدم؟ ولكن الاتحاد مطالب الآن بالرد على مذكرة الفيفا وتوضيح ما إذا كانت سلطة الإشراف ممثلة في الوزارة تدخلت في شؤون كرة القدم أم لا”.

وأضاف حمدة في تصريحات نقلتها إذاعة موزاييك الخاصة “وزارة الرياضة لم تتدخل البتة في الشؤون الداخلية لكرة القدم ولا في تسيير المنتخبات الوطنية التي نجدد دعمها، ولكن من حق الوزارة أن تقوم بتدقيق إداري في التصرف المالي وفي طريقة تسيير اتحاد الكرة وفق ما يسمح به القانون، ومجال رقابة الوزارة كهيكل مشرف لا يقتصر على اتحاد كرة القدم وإنما يشمل كل الاتحادات والجمعيات الرياضية”.

توتر غير مسبوق
وكان وزير الرياضة التونسي كمال دقيش كشف في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الجاري أن “كرة القدم في تونس تشهد فسادا غير مسبوق وشبهات بسوء التصرف وإهدار المال العام وغياب العدالة بين مكونات المشهد الكروي، فضلا عن تهديد السلم الاجتماعي في البلاد”.

وبخصوص ما راج في وقت سابق حول إمكانية فرض عقوبات على المنتخب التونسي تصل إلى حد حرمانه من خوض مونديال قطر، قال دقيش إن “كل ما يتم ترويجه من أن المنتخب سيكون تحت طائلة عقوبات دولية ليس سوى فزاعة يستعملها البعض ممن يروق لهم خرق القوانين، نحن نحترم الشؤون الداخلية لكرة القدم ولاتحاد الكرة، ولكن هناك نصوص قانونية تسري على الاتحادات الرياضية ولا بد أن تطبق على الجميع دون استثناء”.

يشار إلى أن العلاقة بين اتحاد كرة القدم ووزارة الرياضة تشهد توترا حادا منذ أكثر من عام، وذلك في أعقاب قرار الاتحاد إنزال نادي هلال الشابة إلى الدرجة الثانية ومعارضة وزارة الرياضة ذلك وتلويحها بتطبيق الفصل 51 من قوانين الهياكل الرياضية الذي ينص على حل مجلس إدارة الاتحاد وتعيين مجلس مؤقت يتولى المهمة لحين إجراء انتخابات سابقة لأوانها.
من جهته، كشف الخبير في القانون الرياضي كمال بن خليل أن المذكرة تشكل تهديدا جديا لاتحاد الكرة وللمنتخب التونسي، خصوصا أنها فرضت في السابق في حالات مماثلة عقوبات على الاتحادات الكروية التي لا تتمتع باستقلالية قراراتها.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال بن خليل “تحمل مذكرة الفيفا وجهين اثنين، الأول هو أنها تجدد وقوفها غير المشروط مع اتحاد الكرة ضد أي تدخل حكومي محتمل وتفرض مثلما كانت دائما وجوب احترام استقلالية القرارات الصادرة عن الاتحادات الأعضاء المنخرطين بها، والآخر أنها تطلب ضمنيا من وزارة الرياضة والاتحاد أن ينأيا بأي خلافات شخصية بعيدا عن كرة القدم”.

وأضاف “من المؤكد أن اتحاد الكرة سيراسل الفيفا، ولن تتضمن مراسلته تأكيدا على تدخل الحكومة في شؤونه الداخلية لأن ذلك يعني فتح باب العقوبات على مصراعيه ضد الاتحاد ومنتخب كرة القدم قبل أيام قليلة على المشاركة في مونديال قطر 2022”.

ويستهل المنتخب التونسي مشواره في كأس العالم بمواجهة منتخب الدانمارك يوم 22 نوفمبر/تشرين المقبل المقبل بملعب المدينة التعليمية، ثم يلاقي منتخب أستراليا يوم 26 من الشهر ذاته بملعب الوكرة قبل مواجهة فرنسا في ملعب المدينة التعليمية يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

المصدر : الجزيرة

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى