مشروع لبناني لصناعة السيارات الكهربائية… ماذا نعرف حتى الآن؟

لطالما عُرِف لبنان بأنه بلد خدماتي، قائم على قطاع السياحة وتحويلات المغتربين. ورغم بعض الاستثمارات الصناعية الكبيرة، فالجوّ السائد هو أنّ #الصناعة اللبنانية خفيفة.

ففي بلد يتكّل على الاستيراد بشكلٍ أساسي لتأمين أمنه الغذائي، وشراء حاجاته الأساسية من آلات وتكنولوجيا، وتكثر في طرقاته الحفريات وحركة السير الكثيفة، في ظل غياب سكّة حديد، سيستغرب معظم القرّاء أنّ المشروع المطروح، هو شركة لتصنيع ال#سيارات الكهربائية في لبنان. رغم كل الظروف، قررت شركة “إي في الكترا” المضيّ قدماً في هذا المجال، فماذا عن خلفيات هذه الخطوة؟ وكيف ستنعكس إيجاباً على الاقتصاد؟

يؤكّد وزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال عماد حب الله لـ “النهار”، أنّ “هذا المشروع مهم جدّاً لناحية تأمين حاجة لبنان من السيارات الكهربائية الصديقة للبيئة، وخفض الاستيراد من الخارج الأمر الذي يقلل استنزاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، سيساهم هذا المشروع في خلق فرص عمل عديدة. وتحدّث ممثلو الشركة في اجتماعهم الأخير معنا في الوزارة يوم الإثنين 28 كانون الأوّل، عن 1500 إلى 2000 فرصة عمل جديدة في السنوات القادمة”.

في ظل هذه الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان، يأتي هذا المشروع كشمعة مضيئة وسط ظلام كبير على الصعيد الاقتصادي. مشروع كهذا لا يقتصر أثره على خلق فرص عمل، بل على التعامل مع العشرات من الموردين والمصممين، بالإضافة إلى حركة رساميل كبيرة عبر دخول رؤوس أموال جديدة للاستثمار في لبنان، وإن كانت الموادّ الأولية مستوردة، فعملية تصدير السيارات الكهربائية إلى الخارج كفيلة بإدخال ملايين الدولارات إلى الاقتصاد.

لهذه الشركة 4 مصانع في لبنان، موزّعة على الجنوب ما بين الغازية وصيدا. والبقاع، مبدئياً، في محيط زحلة، وفي الشمال على الأرجح في طرابلس، وفي منطقة الشويفات الصناعية. ويقول صاحب الشركة جهاد محمد إنّ “المركز الإداري للشركة سيكون في بعبدا، وكذلك قسم الأبحاث والتطوير. نحن ندير مكاتبنا من الخارج، والشركة موجودة منذ 4 سنوات خارج لبنان، لكن عندما صنعت سيارة (القدس) في أوروبا، وردتنا انتقادات بأنها سيارة لبنانية فلسطينية لكن مصنوعة في الخارج، لذلك انتقلنا إلى لبنان”.

عملية التصنيع موزّعة على المصانع الأربعة، وكل مصنع متخصص في جزء معين. ويستغرق صنع السيارة الكهربائية الواحدة ما بين 200 إلى 250 ساعة عمل. وإذا اجتمع 20 عاملاً فستنتج الشركة سيارة كل 10 ساعات.

بشأن مشكلة شحّ الدولار فإنّ الشركة لن تعاني من هذا الموضوع بداية، لأنّ أموال الشركة في الخارج، بحسب محمد، “أتت إلى لبنان مجددّاً”. سعر سيارة “رايز” مثلاً 30000 دولار أميركي. في الداخل اللبناني يمكن للمشتري أن يدفع 15000 دولار كدفعة أولى، والباقي بالتقسيط لدى الشركة من دون فوائد، وعلى أساس سعر المنصّة 3900 ليرة. وذلك لتسهيل الأمر للمشتري في الداخل اللبناني، ومن جهة أخرى حتى تتمكن الشركة من شراء الموادّ الأولية من الخارج وتصنيع سيارة جديدة.

لهذه السيارات ميزات جيّدة جدّاً، وأسعارها منافسة، ولا يمكن تحديد الكلفة النهائية، إلّا أنها أقل من سيارات البنزين التي تتألف من 2000 قطعة، أمّا السيارة الكهربائية فتتألف من 200، بحسب محمد. ويضيف أنّ الكلفة في لبنان ليست أقلّ من الخارج، لأنّ الموادّ مستوردة وتتطلب شحناً بالإضافة إلى التأمين.

لم يوضع رأسمال الاستثمار بأكمله بعد، إلّا أنّ تجهيزات مركز بعبدا، حتى الساعة، بحدود الـ3 ملايين دولار. ويقول محمد: “ستكون الأرقام كبيرة. من هنا حتى نهاية العام، ستتراوح ما بين الـ50 إلى 60 مليون دولار، وهذا من دون الأبحاث”.

يشرح مدير في شركة “إي في الكترا” أحمد اليسير، بأنه “أوّل مشروع من هذا النوع في الشرق الأوسط. هو ضخم وحُضّر له على مدى ثلاث سنوات”. وتابع قائلاً: “سيكون الافتتاح في 21 شباط. وقد حجز زبائن من بلدان عديدة، مثل فرنسا والأردن وألمانيا، سياراتهم”.

وفّر هذا المشروع حتى الساعة ما يقارب الـ300 فرصة عمل، ومن هنا حتى نهاية الـ2021 ستخلق الشركة ما بين 1500 إلى 2000 فرصة. وستصنع هذه الشركة ما يقارب الـ10 آلاف سيارة في السنة المقبلة.

الملفت أنّ أسماء السيارات تحمل قضايا عربية، مثل اسم “القدس كابيتال”، و “رايز” التي صُممت بعد انفجار المرفأ للدلالة على أنّ بيروت ستقوم مجدداً.

وقال حب الله لـ “النهار” إن “استثمارات كهذه ضرورة للبنان، وهي قفزة نوعية للصناعة اللبنانية. وعلى الحكومة تشجيعها وتقديم التحفيزات لها”. وأعلن الوزير إرادة شركتين الانطلاق في مجال صناعة السيارات، وأبدى تفاؤله بهذه المبادرات.
النهار

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى