مونديال قطر 2022.. أغلى نهائيات كأس عالم على مر التاريخ

بعد 12 عاما على منح قطر حق استضافة مونديال كأس العالم في قرار أثار جدلا، اقترب موعد انطلاق المنافسات. وعلى مر هذه الأعوام، استثمرت قطر المليارات ليصبح مونديال 2022 الأغلى على الإطلاق بتكلفة تجاوزت عتبة 200 مليار دولار.

بات من الصعب تحديد التكلفة الدقيقة لنهائيات كأس العالم التي ستنطلق في قطر الأحد، 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري. بيد أن ما هو مؤكد يتمثل في أن مونديال قطر سيكون الأغلى منذ بدء بطولات كأس العالم في عام 1930 وسط تقديرات بأن التكلفة قد تتساوى مع ما جرى إنفاقه على واحد وعشرين بطولة سابقة مجتمعة.

وبحسب تقديرات مجموعة من الخبراء وأيضا تقارير صحافية، فإن تكلفة مونديال قطر ستتجاوز عتبة المائتي مليار دولار وقد تكون أكثر من هذا الرقم بكثير.

الجدير بالذكر أن مونديال البرازيل عام 2014 كأن يُعد الأغلى فيما أحتل مونديال روسيا عام 2018 المرتبة الثانية حيث وصلت تكلفة البطولتين معا أقل من 15 مليار دولار.

وفي ذلك، قال دان بلوملي خبير تمويل كرة القدم والمحاضر في جامعة شيفيلد هالام، إنه عندما جرى منح قطر حق استضافة مونديال عام 2022 في عام 2010، أشارت التقديرات الأولية بأن التكلفة المحتملة سوف تصل 65 مليار دولار.

وفي مقابلة مع DW، أضاف أن بعض التقديرات الحديثة تشير إلى أنه من المحتمل أن “تتجاوز التكلفة 200 مليار دولار”، مضيفا “سيكون مونديال قطر الأضخم من حيث التكلفة على الإطلاق رغم أننا حتى لا نعرف المقدار بشكل دقيق”.

لماذا تتباين التقديرات؟

ذهبت تقديرات لشركة “فرونت أوفيس سبورتس” الأمريكية المتخصصة في مجال الاستشارات المالية الرياضية، إلى أن تكلفة مونديال قطر قد تصل إلى 220 مليار دولار. في المقابل صرح حسن الذوادي، الأمين العام للجنة المنظمة للمونديال، بأن تكاليف البنية التحتية التي جرى إنشاؤها في الدولة الخليجية منذ منحها حق استضافة البطولة سوف تتجاوز 200 مليار دولار.

ويعود هذا التباين أو عدم الدقة في تقدير إجمالي التكلفة إلى أن غالبية الأموال التي تُقدر بالمليارات التي أنفقتها الحكومة القطرية منذ عام 2010 كانت لإنشاء بنية تحتية غير مرتبطة بكرة القدم مثل تشييد شبكة جديدة للمترو في العاصمة الدوحة ومطار دولي وطرق جديدة فضلا عن بناء حوالي مئة فندق جديد ومرافق ترفيهية فيما يأتي الجزء الأكبر من هذه الاستثمارات في إطار تنفيذ مشروع “رؤية قطر الوطنية 2030”.

وفي مقابلة مع DW، قال كيران ماجواير، خبير تمويل كرة القدم في جامعة ليفربول، إن مونديال كأس العالم كان “بمثابة آلية لتسريع رغبة الحكومة القطرية في معالجة القضايا المتعلقة بالبنية التحتية في البلاد حيث كان المونديال نقطة تحول في هذا الصدد”.

وأضاف “يعد مونديال قطر الأغلى على الإطلاق مقارنة بالبطولات السابقة”.

بدوره، اعتبر بلومي مونديال قطر “رهانا كبيرا على القوة الناعمة”، لكنه من الناحية التجارية يمثل خسارة، مضيفا هذا الأمر لا يثير قلق قطر الغنية بالغاز في ضوء ما تزخر به من ثروات كبيرة في مجال الطاقة.

وفي هذا الصدد، قال إن المكاسب الرئيسية التي تسعى قطر إلى تحقيقها من وراء استضافة كأس العالم ليست “تجارية”، مضيفا أن الدافع الرئيسي يتمثل في “تعزيز العلاقات الدولية ودور قطر الاستراتيجي والدفاعي كقوة ناعمة فيما يبدو أن المال ليس هدف قطر”.

الجانب المظلم

وحتى في حالة اعتبار ذلك، فإن البطولة ما زالت تواجه إشكالية “الإرث” كما حدث مع بطولات كأس العالم الأخيرة بمعنى أن البطولة يجب أن تترك بصمة ذات مغزى للدولة المضيفة خلال شهر واحد من بدء المباريات وحتى المباراة الأخيرة.

وقد واجهت الدول التي استضافت بطولات كأس العالم هذا التحدي، بيد أن في حالة قطر ثمة شكوك.

وفي سياق متصل، فإن قضية الملاعب الكروية كانت الأكثر وضوحا في هذا الصدد إذ إنه جرى إنشاء سبعة من الملاعب الثمانية التي سوف تستضيف منافسات كأس العالم، من الصفر فيما قالت الحكومة القطرية إن تكلفة الإنشاء بلغت 6.5 مليار دولار.

لكن مع انتهاء البطولة، فإن قطر التي يبلغ عدد سكانها 2.8 مليون نسمة، لن تكون في حاجة إلى مثل هذا العدد من الملاعب.

وقد مثلت الاستثمارات الكروية غير المرغوب فيها أو غير المربحة، إشكالية للدول التي استضافت بطولات كأس العالم الأخيرة، لكن قطر تطمح في التغلب على ذلك إذ ستعمل على إبقاء ثلاثة من الملاعب الثمانية فيما سيُجرى تفكيك الملاعب الخمسة المتبقة أو إعادة تحويلها لأغراض بديلة أو حتى سيتم تقليص قدراتها بشكل كبير.

يعتقد كيران ماجواير، خبير تمويل كرة القدم في جامعة ليفربول، أن قطر ستستخدم هذه المرافق والملاعب الكروية للحصول على حق استضافة نهائيات بطولات أوروبية مثل نهائي دوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي.

العمال الأجانب

ويلقى مصير العمال الأجانب الذين عملوا في الإنشاءات الرياضية في قطر على مدى عقد، بظلاله على قضية تكلفة مونديال قطر خاصة وأن الدولة الخليجية تعرضت لانتقادات شديدة من منظمات حقوقية بشأن معاملة العمال الأجانب.

ففي عام 2016، اتهمت منظمة العفو الدولية قطر بارتكاب “تجاوزات فاضحة” بحق عمال أجانب قالت إنهم كانوا ضحايا عمل قسري خلال إنشاء ستاد خليفة الدولي.

وأفادت تقارير بوفاة آلاف العمال الأجانب في قطر منذ عام 2010 إذ ذكرت صحيفة “الغارديان” في فبراير/ شباط العام الماضي أن 6500 عامل مهاجر من الهند وباكستان ونيبال وبنغلاديش وسريلانكا لقوا حتفهم في البلاد بين عامي 2010 و2020.

وإزاء ذلك، قال خبراء حقوقيون إن وفاة العدد الكبير من العمال الأجانب كانت مرتبطة باستضافة قطر لكأس العالم.

في المقابل، أقدمت قطر على بعض الإصلاحات في مجال العمالة الأجنبية على أراضيها خلال السنوات الأخيرة، لكنها ظلت اصلاحات متواضعة فيما أكدت منظمة العفو الدولية على أن المشاكل الأساسية ما زالت قائمة. وذكرت المنظمة في تقرير نُشر الشهر المنصرم “لا تزال انتهاكات حقوق الإنسان مستمرة حتى اليوم على نطاق كبير”.

الفيفا تفوز مرة أخرى

وفيما يتعلق بالفيفا، المنظمة التي ترعى شؤون كرة القدم على مستوى العالم، فإن قضية وفاة العمال المهاجرين أو قضية تكاليف استضافة قطر لكأس العالم، لن يكون لها أي تأثير على هدفها النهائي من البطولة.

وفي ذلك، قال دان بلوملي إن الفيفا سوف تجني مكاسب مالية كبيرة من وراء مونديال قطر كما كان الحال مع البطولة السابقة، مضيفا “تحقيق المكاسب المالية ما ترمي الفيفا إلى تحقيقه من وراء بطولات كأس العالم من أجل توفير الموارد المالية لأربع سنوات مقبلة”.

وأشار إلى أن إيرادات كأس العالم السابقة في روسيا فاقت توقعات الفيفا، مضيفا أنها تتوقع “نجاحا مماثلا في قطر. قد تكون تكلفة البطولة كبيرة لكنها على عاتق الدولة المضيفة، لكن ما يهم الفيفا ضمان نجاح البطولة ولا يساورها أي قلق حيال التكاليف”.

DW

اضغط للقراءة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى